کد مطلب:355661 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:354

المراد من أهل البیت فی آیة التطهیر


إذن، لابدّ من بیان المراد من أهل البیت (علیهم السلام) فی هذه الایة المباركة، لانّ الله سبحانه وتعالی یقول: (إِنَّمَا یُرِیدُ اللهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَیُطَهِّرَكُمْ تَطْهِیراً).

محلّ الاستدلال فی هذه الایة المباركة نقطتان:

النقطة الاُولی: المراد من أهل البیت.

النقطة الثانیة: المراد من إذهاب الرجس.

فإذا تمّ المدّعی علی ضوء القواعد المقرّرة فی مثل هذه البحوث فی تلك النقطتین، تمّ الاستدلال بالایة المباركة علی إمامة علی أمیر المؤمنین، وإلاّ فلا یتمّ الاستدلال.

المراد من أهل البیت فی هذه الایة المباركة مَن؟ لابدّ هنا من الرجوع أیضاً إلی كتب الحدیث والتفسیر، وإلی كلمات العلماء من محدّثین ومفسّرین ومؤرخین، لنعرف المراد من قوله تعالی فی هذه الایة، أی: المخاطب بأهل البیت من هم؟ ونحن كما قرّرنا من



[ صفحه 10]



قبل، نرجع أوّلاً إلی الصحاح والمسانید والسنن والتفاسیر المعتبرة عند أهل السنّة.

وإذا ما رجعنا إلی صحیح مسلم، وإلی صحیح الترمذی، وإلی صحیح النسائی، وإلی مسند أحمد بن حنبل، وإلی مسند البزّار، وإلی مسند عبد بن حُمید، وإلی مستدرك الحاكم، وإلی تلخیص المستدرك للذهبی، وإلی تفسیر الطبری، وإلی تفسیر ابن كثیر، وهكذا إلی الدر المنثور، وغیر هذه الكتب من تفاسیر ومن كتب الحدیث:

نجد أنّهم یروون عن ابن عباس، وعن أبی سعید، وعن جابر بن عبدالله الانصاری، وعن سعد بن أبی وقّاص، وعن زید بن أرقم، وعن أُمّ سلمة، وعن عائشة، وعن بعض الصحابة الاخرین:

أنّه لمّا نزلت هذه الایة المباركة علی رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم)، جمع أهله ـ أی جمع علیّاً وفاطمة والحسن والحسین ـ وألقی علیهم كساءً وقال: «اللهمّ هؤلاء أهل بیتی».

وفی بعض الروایات: ألقی الكساء علی هؤلاء، فنزلت الایة المباركة.

والروایات بعضها تفید أنّ الایة نزلت ففعل رسول الله هكذا.

وبعضها تفید أنّه فعل رسول الله هكذا، أی جمعهم تحت كساء



[ صفحه 11]



فنزلت الایة المباركة.

قد تكون القضیّة وقعت مرّتین أو تكرّرت أكثر من مرّتین أیضاً، والایة تكرّر نزولها، ولو راجعتم إلی كتاب الاتقان فی علوم القرآن للجلال السیوطی لرأیتم فصلاً فیه قسمٌ من الایات النازلة أكثر من مرّة، فیمكن أن تكون الایة نازلة أكثر من مرّة والقضیّة متكرّرة.

وسنقرأ إن شاء الله فی البحوث الاتیة عن حدیث الثقلین: أنّ رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) قال: «إنّی تارك فیكم الثقلین: كتاب الله وعترتی أهل بیتی، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا...» إلی آخر الحدیث، قاله فی مواطن متعدّدة.

وقد ثبت عندنا أنّ النبی قال: «من كنت مولاه فهذا علی مولاه» أكثر من مرّة، وإنْ اشتهرت قضیّة غدیر خم.

وحدیث «أنت منّی بمنزلة هارون من موسی» وارد عن رسول الله فی مصادر أهل السنّة فی أكثر من خمسة عشر موطناً.

فلا نستبعد أن تكون آیة التطهیر نزلت مرّتین أو أكثر، لانّا نبحث علی ضوء الاحادیث الواردة، فكما ذكرت لكم، بعض الاحادیث تقول أنّ النبی جمعهم تحت الكساء ثمّ نزلت الایة، وبعض الاحادیث تقول أنّ الایة نزلت فجمع رسول الله علیّاً



[ صفحه 12]



وفاطمة والحسنین وألقی علیهم الكساء وقال: «اللهمّ هؤلاء أهل بیتی».

فالحدیث فی:

1 ـ صحیح مسلم [1] .

2 ـ مسند أحمد، فی أكثر من موضع [2] .

3 ـ مستدرك الحاكم [3] ، مع إقرار الذهبی وتأییده لتصحیح الحاكم لهذا الحدیث [4] .

4 ـ صحیح الترمذی، مع تصریحه بصحّته [5] .

5 ـ سنن النسائی [6] ، الذی اشترط فی سننه شرطاً هو أشدّ من شرط الشیخین فی صحیحیهما، كما ذكره الذهبی بترجمة النسائی فی كتاب تذكرة الحفاظ [7] .

ولا یخفی علیكم أنّ كتاب الخصائص الموجود الان بین



[ صفحه 13]



أیدینا الذی هو من تألیف النسائی، هذا جزء من صحیحه، إلاّ أنّه نشر أو انتشر بهذه الصورة بالاستقلال، وإلاّ فهو جزء من صحیحه الذی اشترط فیه، وكان شرطه فی هذا الكتاب أشدّ من شرط الشیخین فی صحیحیهما.

6 ـ تفسیر الطبری، حیث روی هذا الحدیث من أربعة عشر طریقاً [8] .

7 ـ كتاب الدر المنثور للسیوطی، یرویه عن كثیر من كبار الائمّة الحفّاظ من أهل السنّة [9] .

وقد اشتمل لفظ الحدیث فی أكثر طرقه علی أنّ أُم سلمة أرادت الدخول معهم تحت الكساء، فجذب رسول الله الكساء ولم یأذن لها بالدخول، وقال لها: «وإنّك علی خیر» أو «إلی خیر» [10] .

والحدیث أیضاً وارد عن عائشة كذلك زیرنویس=صحیح مسلم 7 / 130.@.

واشتمل بعض ألفاظ الحدیث علی جملة أنّ النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) أرسل



[ صفحه 14]



إلی فاطمة، وأمرها بأن تدعو علیّاً والحسنین، وتأتی بهم إلی النبی، فلمّا اجتمعوا ألقی علیهم الكساء وقال: «اللهمّ هؤلاء أهل بیتی» ممّا یدل علی أن النبی كانت له عنایة خاصة بهذه القضیّة، ولمّا أمر رسول الله فاطمة بأن تأتی هی وزوجها وولداها، لم یأمرها بأن تدعو أحداً غیر هؤلاء، وكان له أقرباء كثیرون، وأزواجه فی البیت عنده، وحتّی أنّه لم یأذن لاُمّ سلمة أن تدخل معهم تحت الكساء.

إذن، هذه القضیّة تدلّ علی أمر وشأن ومقام لا یعمّ مثل أُمّ سلمة، تلك المرأة المحترمة المعظّمة المكرّمة عند جمیع المسلمین.

إلی هنا تمّ لنا المراد من أهل البیت فی هذه الایة المباركة.

وهذا الاستدلال فیه جهة إثبات وجهة نفی، أمّا جهة الاثبات، فإنّ الذین كانوا تحت الكساء ونزلت الایة فی حقّهم هم: علی وفاطمة والحسن والحسین فقط، وأمّا جهة النفی، فإنّه لم یأذن النبی لان یكون مع هؤلاء أحد.

فی جهة الاثبات وفی جهة النفی أیضاً، تكفینا نصوص الاحادیث الواردة فی الصحاح والمسانید وغیرها من الاحادیث التی نصّوا علی صحّتها سنداً، فكانت تلك الاحادیث صحیحةً،



[ صفحه 15]



وكانت مورد قبول عند الطرفین.



[ صفحه 16]




[1] صحيح مسلم 7 / 130.

[2] مسند أحمد 1 / 330 و 6 / 292 و 323.

[3] المستدرك علي الصحيحين 2 / 416.

[4] تلخيص المستدرك (ط مع المستدرك) 2 / 416.

[5] صحيح الترمذي 5 / 327 كتاب التفسير و 627 و 656 كتاب المناقب.

[6] خصائص علي من سنن النسائي: 49 و 62 و 81، ط الغري.

[7] خصائص علي من سنن النسائي: 49 و 62 و 81، ط الغري.

[8] تفسير الطبري 22 / 5 ـ 7.

[9] الدرّ المنثور 5 / 199.

[10] أحمد 6 / 292، والترمذي، وغيرهما.